الثلاثاء، 26 مارس 2013

مــــــادة العســــل:




العسل هو مادة طبيعية حلوة تنتجها شغالات النحل بتحويل الرحيق الذي تجمعه من الزهور. يتنوع العسل حسب تنوع مصدر الرحيق سواء كان من الزهور ولكل نوع من الزهور عسل يميزه عن غيره أَم من الإفرازات النباتية أَم الأخرجة التي تتركها الحشرات. ويختلف تبعا لذلك لون العسل ورائحته وطعمه والقابلية للتبلور وكثافتة ودرجة القلوية والحموضة به وحتى بعض مكوناته ولو بنسبٍ قليلة. وهناك عوامل أخرى أيضا تؤثر على صفات العسل البيولوجية مثل نوع التربة والعوامل الجوية والبيئية.
 يتجمع الرحيق بقاعدة الزهرة لتغذية البذرة أو الثمرة في مختلف مراحل نموها والرحيق مادة سائلة سكرية تكونت من خلال عملية التمثيل الضوئي ووقع تخزينها في جذور وسيقان النبات، تهاجر إلى الزهرة في بداية تكوين الثمرة أو البذرة وتتجمع المادة لتغذية الجنين حتى نضجه. الرحيق إذا هو مادة أفرزتها النبتة لأغراض ذاتية تتمثل أساسا في تغذية الثمار والبذور بعد فترة الإزهار حتى النضج الكامل. كمية من هذا الرحيق تضعها الزهرة على ذمة الحشرات التي تقوم بتلقيحها، لنقل تضعها كمقابل لجلب  النحلة لزيارتها لأنها في حاجة إلى هذه الزيارة التي من خلالها تجلب النحلة حبوب اللقاح الذكرية من زهرة أخرى تساهم في تلقيحها وبدون مرور من يتكفل بهذه العملية لا يمكن الحديث عن مستقبل للنبات و ضمان بقاء الصنف.
يفترض بعض  البيولوجيين انه في صورة هلاك جميع النحل وانقراضه ( وهو شيء وارد لكثرة التلوث بأشكاله المختلفة حتى الإلكتروني منها) تنقرض البشرية مباشرة بعد أربع سنوات. بعض التجارب أثبتت أن الزهرة التي يزورها النحل تنتج كميات أكبر من الرحيق (GASTON BONNIER عالم بيولوجي( لأنها تحفز النبات على إنتاج المزيد وبالتالي نوعية ثمار أو بذور أحسن هذا فضلا عن الكمية.
كيف يتحول الرحيق إلى عسل؟
تمتص الشغالة الرحيق من قاعدة الزهرة باستغلال ما لديها من أدوات طبيعية معدة للغرض على مستوى الفم تتميز بها من دون أفراد الخلية، تجمع الرحيق الذي تمتصه بلسانها وتخزنه في جيب داخلي يسمى حوصلة وهو بمثابة معدة موازية لمعدتها وخلال جمعها للرحيق يقوم جسم النحلة بتقلصات عضلية تحول دون تداخل مادة الرحيق المتواجدة بالجيب الحوصلة وما يوجد داخل معدة النحلة. عند دخول الرحيق لحوصلة النحلة تبدأ الخلايا الداخلية لهذا الجيب بإفراز مادة معوية تسمى invertase وهي نوع من الخمائر تحول السكاروز ( سكر القصب ) المكون الأساسي للرحيق إلى قليكوز، فريكتوز، مالتوز وأنواع أخرى من السكاكر وتتواصل التحولات الفيزيوكيماوية داخل الخلية فعند رجوعها للخلية تتخلص النحلة من حمولتها حيث تخرج ما في حوصلتها وتوزعه على بعض الشغالات وهن بدورهن يعدن إخراجه وتوزيعه وهكذا وبتكرار العملية من فرد إلى فرد يكتسب الرحيق صفة العسل وخواصه وتتدنى به نسبة المياه من خلال تشبعه بمواد معوية أهمها  (invertase, diastase, gluco-oxydase ) تفرزها حوصلات الشغالات ممزوجة بريقهن مما يكوّن أنواع أخرى من السكر لم تكن موجودة في البداية.
هذه التحولات التي مر بها الرحيق وما تعرض له من تأثير جراء ريق النحل وإفرازاته المعوية تسبب انخفاض كبير في درجة الرطوبة بالمادة وهنا تعتبر المرحلة الأولى قد انتهت وتحصلنا على مادة العسل غير أنه عسل غير ناضج ولا يزال به كميات كبيرة من الماء وربما غير مكتمل بيولوجيا.
تنضيج العسل:
يضع النحل ما بحوزته من رحيق متطور أو عسل غير ناضج في العيون السداسية الواقعة بأسفل القرص الشمعي ويحرص على عدم ملء هذه العيون تماما بل إلى مستوى النصف أو الثلاثة أرباع، تحت تأثير درجات الحرارة المرتفعة نسبيا بالخلية ( 36 مؤوية) وعند ارتفاع درجات الحرارة خارج الخلية تصطف بعض الشغالات في مدخل الخلية وتحرك أجنحتها بسرعة وبطريقة متواصلة بحيث تساهم في خلق مجرى هواء ساخن وتحرص بعض الشغالات على وصول الهواء الحار للعيون النصف ملآ بالعسل وبذلك تتبخر كميات كبيرة من الماء ويبدأ العسل بالتكاثف. تعاد العملية عديد المرات مع إعادة شحن العسل في حوصلات النحل ونقله تدريجيا إلى العيون العلوية للقرص وفي كل مرة تقترب مكوناته البيولوجية من الاكتمال حتى الوصول إلى مرحلة النضج الكامل فتملأ العيون بصفة كلية ويكون العسل قد اكتمل بيولوجيا وانخفضت نسبة المياه به إلى ما دون العشرين.
العهدة على الراوي:
كلغ واحد من العسل يتطلب 200 يوم عمل 40000 كلم من التنقل وزيارة 800000 زهرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق