الأربعاء، 31 يوليو 2013

تحديات الفقر الريفي في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا




حقق
إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا تقدماً أقل من غيره من الأقاليم في الحد من الفقر خلال السنوات الأخيرة. ويعود ذلك إلى بطء التقدم في إصلاح السياسات وتحرير التجارة وإلى النزاعات وغياب اللامركزية الفعالة وقلة الاستثمارات العامة والخاصة في المناطق التي يتمركز فيها الفقر وهي عادة المناطق الريفية. والفقر في الإقليم، شأنه في كل مكان آخر من العالم، يبقى أساساً ظاهرة ريفية: إذ يقدر أن 25 في المائة من سكان الإقليم هم من الفقراء الذين يعيش 58 في المائة منهم في المناطق الريفية. وفضلاً عن هذا، يقدر أن نحو 34 في المائة من مجموع سكان المناطق الريفية في الإقليم هم فقراء مقارنة بنسبة 18 في المائة من سكان المناطق الحضرية. ويتصف توزع الفقراء ضمن البلدان بالتباين أيضاً إذ يتفشى الفقر بمعدلات عالية في بعض المناطق )مثل صعيد مصر مقارنة بإقليم الدلتا مثلاً(.  وفي بعض البلدان نجد جيوباً للفقر في مناطق الدخل المنخفض (تونس والمغرب(  بينما تعاني بلدان أخرى -جيبوتي والصومال والسودان واليمن )وكلها من أقل البلدان نمواً(  من الفقر الريفي على نطاق واسع
 تشير تقديرات الفقر الريفي هذا إلى أن نحو 52 مليون شخص من سكان الريف يعيشون في حالة الفقر في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا. والفقر الريفي شديد بصورة خاصة في جيبوتي وغزة والضفة الغربية والصومال والسودان واليمن التي يصنف بين 40 و 90 في المائة من سكان الريف فيها في فئة الفقراء. وتتألف المجموعات الريفية الفقيرة بشكل أساسي من صغار المزارعين والعمال المأجورين والرحَّل والرعاة وصيادي الأسماك الحرفيين والأسر التي تعيلها نساء والشباب العاطلين عن العمل. ويعتبر انعدام المساواة بين الجنسين أحد المعيقات الرئيسية في وجه التنمية الريفية (والعامة( في الإقليم. فالفوارق بين الجنسين كثيرة وصارخة فيما يتعلق بإمكانات الحصول على الأصول ورأس المال والتعليم والعمل والخدمات الإرشادية وغير ذلك من الخدمات المالية وخدمات الدعم. ومع أن نساء الريف يقمن بدور أساسي في أنشطة الإنتاج الزراعي - دعم سبل المعيشة الريفية وتوفير التعليم للأجيال القادمة وإدارة أصول الأسر ومواردها المالية بدقة - فإنهن يواجهن عدداً من العقبات الرئيسية منها
1. أعباء العمل الزراعي والمنزلي الهائلة؛
2. قلة فرص حصولهن على التعليم مقارنة بالذكور رغم التقدم الكبير الذي أحرز في تعليم البنات خلال العقود الأخيرة؛
3. قلة إمكانيات الحصول على الخدمات المتصلة بالإنتاج وعلى الأصول المادية والمالية؛
  4. صعوبة الوصول إلى الخدمات الصحية والارتفاع النسبي في معدلات الوفيات لا سيما في المناطق الريفية.
وتتفاقم هذه المعيقات بفعل النمو السكاني المطرد في الإقليم. وإذا كانت بلدان الشرق الأدنى وشمال أفريقيا لا تعاني من حيث الدخل من مستويات الفقر المدقع القائم في جنوب آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء فإن مستوى التنمية البشرية فيها  )وهو المستوى الذي يعكس التعليم والصحة والمساواة بين الجنسين والحقوق السياسية والحرية(  كثيراً ما لا يتناسب مع ثرائها المادي. فترتيب البلدان على مقياس التنمية البشرية كثيراً ما يأتي بالنسبة للعديد من بلدان الإقليم دون المتوقع بكثير مقارنة بمستويات دخلها. وينطبق هذا أكثر ما ينطبق على المناطق الريفية نظراً لتفضيل المناطق الحضرية عليها في توفير فرص الحصول على البنى الأساسية المادية والاجتماعية. مثال على ذلك هو أن إمكانات الوصول إلى مياه الشرب المأمونة ومرافق الإصحاح هي أقل توافراً في المناطق الريفية منها في البلدات والمدن: ففي المغرب مثلاً يتمتع 94 في المائة من سكان المناطق الحضرية بإمكانات الحصول على مياه الشرب النظيفة مقارنة بنسبة 58 في المائة من سكان المناطق الريفية. وكما في كل البلدان تقريباً يكون معدل الأمية في المناطق الريفية أعلى منه في المناطق الحضرية )لا سيما للنساء(. وباختصار فإن الفقر الريفي في بلدان الإقليم ناجم عن مجموعة من القيود المتصلة بالموارد الطبيعية والاعتبارات الاقتصادية الاجتماعية وإطار السياسات والمؤسسات. ففيما يخص القيود المتصلة بالموارد الطبيعية فإن إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، كما أسلفنا، يعتبر من أكثر الأقاليم جفافاً في العالم وبمساحات محدودة من الأراضي القابلة للزراعة وبقدر قليل من المياه.
أما المعيقات الاقتصادية الاجتماعية فمنها ارتفاع معدلات الخصوبة وبالتالي ارتفاع معدلات الإعالة،  وانعدام المساواة بين الجنسين، وانخفاض معدلات التحصيل العلمي  لا سيما بين النساء  وارتفاع معدلات البطالة لا سيما بين الشباب. وتتفاقم هذه المعيقات بفعل انعدام خدمات التمويل الريفي الصغرى المناسبة وضعف مؤسسات التسويق الريفية وقلة الاستثمارات العامة في البنى الأساسية المادية والاجتماعية  مثل الطرق الريفية وإمدادات المياه في المناطق الريفية والمرافق الصحية والتعليمية. ويتأثر القطاع الريفي في بعض البلدان بضعف السياسات والمؤسسات مثل قلة تمثيل فقراء الريف من خلال منظمات قاعدية، وضعف المجتمع المدني والقطاع الخاص في المناطق الريفية وانعدام الإدارة الرشيدة في المؤسسات العامة على الصعيدين الوطني والمحلي وتشوه السياسات الزراعية التسعيرية والتجارية وسوء إدارة الموارد المشتركة مثل المياه والمراعي.
.........................................


إذا كان وضع ذلك كذلك قبل الثورات العربية، فبماذا يمكن أن نصف الوضع الآن؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق