مقدمــــــــة
يعتقد البعض أن الأراضي الفقيرة والجافة حيث لا يمكننا غراسة الأشجار
المثمرة مكان ملائم لغراسة الزياتين أين يمكنها أن تجود بمحصول متوسط وتنموا دون
مشاكل.
هذا الكلام صحيح في جزء منه، غير انه لا يعني أن شجرة الزيتون تحبذ مثل هذه
البيئة، فشجرة الزيتون «تفضل» التربة الخصبة مع رطوبة كافية وأرض ذات نفاذية
عالية، بما يمكنها من النمو الطبيعي وتوفير محصول مرتفع وعلى نحو مستدام لعقود
عديدة.
تسميد الزياتين
بالرغم من أن جذور أشجار الزيتون تمتد بعيدا بشكل افقي للبحث عن المياه
والمواد المعدنية الضرورية لنموها الا أنها تحتاج كغيرها من الأشجار إلى دعم غذائي
خارجي خصوصا في الأراضي التي تشكو نقص في الخصوبة والمناطق القاحلة والشبه قاحلة
أين تقل الأمطار. هذا الدعم يتمثل طبعا في عملية التسميد والري.
نتحدث في المجال الزراعي على نوعين من السماد، سماد عضوي أو ما يسمى بالغبار
وهو مكون من مخلفات الحيوانات واي مواد عضوية كالنباتات المتخمرة، وسماد كيمياوي
أو معدني ويقدم للنبات في شكل معادن.
من المعلوم ان النبات لا يمكنه امتصاص السماد الا في شكله المعدني بما يعني
ان السماد العضوي بعكس السماد المعدني يجب ان يمر بدورة تمعدن قبل ان يكون جاهزا
للاستغلال من طرف النباتات وهي المعادلة التي تجعلنا دوما نحث الاخوة المزارعين
على عدم نثر الغبار مباشرة بعد جمعه من الاسطبلات بل تركه في مكان ملائم لمدة ستة
اشهر على الاقل حتى يتعرض لعملية التخمير ويصبح اكثر جاهزية للاستغلال.
ويعتبر السماد العضوي مادة طبيعية ينتفع منها النبات والتربة على حد سواء
فالغبار فضلا عن أنه يتمعدن ويصبح مواد معدنية مفيدة للنباتات هو أيضا يعد عامل
جيد في اصلاح خصائص الأرض الفيزيائية والكيماوية. بمعنى آخر يساهم الغبار في
الترفيع من درجة الخصوبة ويحسن من نافذية الاراضي الطينية ويخفض من صلابتها بما
يسهل حركة الجذور والمعادن والمياه. اما في الأراضي الرملية والخفيفة فالغبار من
العوامل المهمة في جعل التربة اكثر استقرارا وتماسكا وخصوبة واكثر قدرة على تخزين
المياه.
أما الاسمدة الكيماوية فهي تعطى للنبات في شكل مادة جاهزة ويقع استهلاكها
بشكل نسبي مباشرة. نود التنويه في هذا المجال بأن الأسمدة النتروجينية بعكس
الفسفاطية والبوطاسية وبقية المعادن التي تدخل في بيولوجيا النبات هي اسمدة سريعة
الذوبان وتنزل بعمق في الارض بسرعة مع مياه الامطار او مياه الري بما يعني ان فرصة
الجذور في الاستفادة منها قد تكون ضئيلة في صورة الري او نزول الامطار مباشرة بعد
التسميد.
قبل تطبيق أي روزنامة للتسميد في ضيعة الزيتون ، ننصح بالقيام بتحليل اوراق
الزياتين والتربة للتعرف على الخصائص الفيزيائية للتربة موضوع التسميد (الملمس، النفاذية كمية المعادن المتاحة، ملوحة التربة، الاس الهيدروجيني pH وغيرها
). وتؤثر نتائج هذا التحليل على متغيرات أخرى مختلفة قطعا ستؤثر في النهاية على
المحصول.
وبالتالي، تحليل التربة والأوراق مفيد للتعامل مع النقص أو الإفراط في بعض
المغذيات وتجنب إجهاد الاشجار
.
وننوه في هذا المجال الى اهمية معرفة p H «درجة الحموضة» ومحتوى الكالسيوم فى التربة، لأن هذان
العاملان يؤثران على امتصاص بعض العناصر الغذائية الاخرى التي يتم امدادها للتربة
من خلال الأسمدة.
نذكر بأن الرقم الهيدروجيني الأمثل لشجرة الزيتون هو حوالي 6.5 ويمكن اعتبار الطيف من الرقم الهيدروجيني 5.5 إلى 8 مجال مقبول. الحد الأدنى المقبول للمغذيات بعد التحليل الكيميائى للاوراق ننصح بأن يكون في حدود 1.5٪ للنيتروجين و 0،1٪ للفوسفور و 0.5٪ للبوتاسيوم . النيتروجين هو العنصر المغذي الأكثر أهمية لشجرة زيتون الزيت أو زيتون المائدة والأعراض الرئيسية لنقص النيتروجين هى قصر فى النموات السنوية «أقل من 15 صم» و تكون الأوراق أقصر بكثير من المعتاد ولا تتحول تدريجيا إلى اللون الأخضر الغامق مثل باقى الأوراق العادية. عندما نقوم بتشخيص نقص النيتروجين، يفضل استشارة خبير زراعي محلي من أجل ادراج برنامج تسميد مناسب.
فترات التسميد وتوقيتها :
بالنسبة للتوقيت يمكن في العموم تحديد فترتين الأولى في فصل الخريف وتصادف الفترة التي تخرج فيها شجرة الزيتون من فترة الحر وبداية تغير الطقس الى البرودة وهي فترة تستفيق خلالها النموات الطرفية لشجرة الزيتون وتاتي عملية التسميد كتحفيز للشجرة حتى تستغل فترة اعتدال الطقس للنمو قبل الدخول في فترة السبات الشتوي.
الفترة الثانية في نهاية الشتاء او نهاية فترة السبات وبتسميدها فرصة لاكساب الشجرة مزيد من طول النموات الطرفية وبالتالي مزيدا من الانتاج وهي تحفيز للشجرة لاعادة الانطلاق في النمو واستغلال الجو الربيعي لمزيد النمو قبل دخول الأشهر الحارة.
كميات السماد
نريد التنويه في هذا المجال بأن الكميات تختلف بحسب عمر الشجرة وحجمها وما اذا كانت في سنة انتاج ام سنة معاومة وما اذا كانت ستتلقى تقليم في الشتاء أم لا وهل هناك رطوبة خلال شهر 9 أم لا وهل للشجرة نباتات مزاحمة ام لا. و يمكن تقديم الاسمدة في شكل خليط مركب NPK (نيتروجين - فسفاط - بوطاس) 11-15-15 مثلا. أما عن الكمية فيمكن ان نحددها بين 4 و 7 كلغ للشجرة المنتجة الواحدة في السنة على مرتين.
في الضيعات البعلية ننصح بنثر الاسمدة المحتوية على النيتروجين بعد تسجيل نسبة من الرطوبة وذلك في شكل دائري تحت امتداد تفرعات الشجرة وتجنب تركيز الاسمدة بمكان واحد حذو الجذع.
ننوه انه تم التركيز على النيتروجين ليس لأهميتة فحسب بل لأنه السماد الوحيد الذي يتطلب الكثير من الدقة في استعماله كما وكيفا وتوقيتا لضمان الاستفادة منه قبل نزوله عميقا بالتربة بعيدا عن مستوى الجذور. على خلاف النيتروجين عنصري الفسفور والبوطاس ولأسباب كيماوية يبقيا في متناول الجذور دائما، مع خضوعهما طبعا لقانون الكم وارتباطهما بتواجد بقية المواد«loi de minimum».
في خصوص مستويات الكلسيوم بالتربة تواجد الكالسيوم بالتربة مهم جدا لشجرة الزيتون ، فالكالسيوم يقلل من قابلية الإصابة بالأمراض. الأعراض الأكثر شيوعا لنقص الكالسيوم هى اليرقان (تميل الاوراق الى اللون الباهت أو أبيض). وغالبا ما يتم تصحيح نقص النسبة باضافة أوكسيد الكالسيوم بعد استشارة خبير زراعي. قبل الختام نذكر بعنصرين مهمين المغنيسيوم والبورون يدخل الأول في عملية التخليق الضوئي وتوفير المادة الخضراء chlorophylle ويتكفل الثاني (B) بعقد الزهور و يلعب دورا حيويا في عملية التمثيل الغذائي ونقل السكريات. اذا تم تشخيص نقص المغنيسيوم أو البورون يقع تعديل المسألة غالبا باستعمال الأسمدة الورقية
سنحاول في مقال لاحق الحديث عن الري كما وتوقيتا.
محسن اللافي.