الجمعة، 29 سبتمبر 2023

احتياجات شجرة الفستق

مقدمة

تتعايش شجرة الفستق مع المناخ القاري والمناخ البحري، مع المناخ الجاف و المناخ الرطب ولا يبدو أن درجات الحرارة تمثل فعلا عائقا رئيسيا في الامتداد الجغرافي لها كصنف. فنحن نصادف شجرة الفستق في مناطق كالعراق أين تصل درجات الحرارة إلى ما فوق الخمسين مأوية كما نجدها في تركستان تحت ظروف مناخية تتدنى فيها درجات الحرارة إلى الثلاثينات تحت الصفر. وقد سجل لنا التاريخ أنه في شتاء سنة 1949/1950 تعرضت منطقة حلب بسوريا إلى موجة من البرد تواصلت أكثر من أسبوع تدنت فيها درجات الحرارة إلى مستوى (23 درجة تحت الصفر) وقد تم تسجيل نتائج كارثية بغابات الزياتين حيث وقع تعداد أكثر من 300 ألف شجرة زيتون متجمدة في حين لم يسجل ما يجلب الانتباه على مستوى أشجار الفستق التي تأقلمت مع الوضع وكأن شيئا لم يكن.



حاجة شجرة الفستق إلى البرد الشتوي:

تعد شجرة الفستق من الأشجار ذات الأوراق المتساقطة وهي خاصية تسمح لنا بتصنيف الفستق ضمن الأشجار ذات الحاجة لبرد الشتاء حتى أن بعض المؤلفين اعتبروا هذا المعطى ضرورة لنجاح شجرة الفستق، غير أن بعض أصناف الفستق تنموا و تثمر دون الحاجة إلى الكثير من البرد الشتوي وليس أدل على ذلك من وجود الفستق بمنطقة صفاقس التونسية ومنطقة مارث بجانب البحر وبين أشجار النخيل. كما نجد أشجار الفستق باليونان في مناطق ذات مناخ بحري ولا تتدنى فيها درجات الحرارة ومع ذلك تزهر أشجار الفستق وتثمر بشكل طبيعي مما يؤكد لنا خاصية تأقلم صنف الفستق حسب ظروف المحيط.

هل أن زهور الفستق حساسة ضد البرد؟

ليس تماما ولكن نعم. زهور الفستق حساسة للبرد الشديد ولا تلائمها درجات الحرارة التي تكون ما دون الصفر. فزهور الفستق تعد بدون مستقبل في صورة تعرضها لدرجة حرارة اثنان تحت الصفر. هذا يعني في الواقع أنها تتحمل درجات الحرارة المتدنية أكثر من شجرة اللوز. لهذا عند التفكير في إنشاء بساتين الفستق يرجى العمل على التثبت بدقة في ما إذا كانت المنطقة تتعرض لموجات من الجليد الربيعي.
حاجة شجرة الفستق إلى الحرارة:
إذا كانت شجرة الفستق لا تتأثر بالبرد الشديد، يمكن إذا أن نراها في مناطق كثيرة من أوروبا، غير أن برودة الطقس لم تمثل يوما عائقا في انتشار الفستق في شمال القارة العجوز بل العائق كان نقص معدل درجات الحرارة وكثرة الأمطار. في العموم لكي توصل ثمارها إلى مرحلة النضج تطلب هذه الشجرة معدل ساعات ضوء وحرارة يضاهي أو يفوق ما تطلبه شجرة الزيتون وإذا كان شهر سبتمبر باردا لا يمكن لثمار الفستق الوصول لمرحلة النضج. وفي الخلاصة يمكن القول بأن مناطق غراسة الزياتين تتلاءم بشكل جيد مع شجرة الفستق.

حاجة شجرة الفستق إلى الماء:

شجرة الفستق شجرة مقاومة للجفاف ويمكن مقارنتها بشجرة الزيتون وشجرة اللوز. إذا كانت أشجار الزيتون واللوز تنموا وتثمر بصفة عادية في منطقة ما، يمكن أن نستنتج أن استثمار بساتين الفستق في تلك المناطق فكرة جيدة ومربحة.
في تونس نجد أشجار الفستق تنموا وتثمر في مناطق تتميز بكميات أمطار ضعيفة قد لا يتجاوز معدلها 150 إلى 200 مم في السنة، غير أنه يجب ملاحظة أن غابات الفستق التي تعيش في هذه المناطق تتواجد بأراضي خفيفة و لا يمكن لهذه المعادلة أن تصح بالأراضي الطينية.
في مناطق الانتاج التركية والسورية معدل كميات الأمطار السنوية يتراوح بين 350 و 500 مم وبالرغم من أن هذه المناطق تتميز بصيفها الجاف من جوان حتى أكتوبر فإن أراضيها الكلسية توفر الرطوبة المطلوبة لنمو أشجار الفستق بالشكل الطبيعي.
في سيسيليا أين يصل معدل كميات الأمطار 500 مم تقريبا، تنزل جذور الفستق للبحث عن المياه بين الصخور البركانية عميقا.
بإيران، في رفسنجان أين معدل الأمطار الشتوية لا يتجاوز 70 إلى 150 مم نجد أشجار الفستق في حالة جيدة مع ملاحظة أن فلاحي هذه المناطق يضيفون كميات شهرية لأشجار الفستق مما يساعدها على تكوين مخزون رطوبة تقاوم من خلاله الفترات الصعبة صيفا.

الخلاصة:

في الخلاصة يمكن القول بأن شجرة الفستق تنمو بشكل طبيعي ودون جرعات ري في حالة تواجدها بأراضي خفيفة وكميات أمطار لا يتدنى معدلها تحت 200 مم مع ضرورة خدمة الأرض بصفة منتظمة وزيادة المسافة بين الأشجار والصفوف. وفي صورة غراسة أشجار الفستق بأراضي طينية مع معدلات تحت 350 مم يرجى العمل على إحداث جسور تمكن الأشجار من تجميع كميات إضافية من المياه عند نزول الأمطار وفي صورة غيابها لا مناص من إضافة كميات من الماء كري تكميلي.

محسن لافي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق